هل مريض القلب يعتبر مبطون
عندما يتوفى شخص ما عزيز علينا فإن أول ما نرجوه له هو أن يدخل الجنة ولاسيما إذا كان قد عانى من المرض في أواخر أيامه عسى أن يكون ذلك المرض تخفيفًا له من الذنوب وسببًا للمغفرة ونيل الشهادة ودخول الجنة لذلك يتساءل الكثير من الأشخاص هل مريض القلب يعتبر مبطون؟
بالتأكيد ليس هناك من لا يتمنى أن ينال الشهادة أو أن يكون أحبابه الذين فارقوا الحياة في منزلة الشهداء حتى يحصلوا على ذلك الأجر العظيم، فقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشهداء خمسة من بينهم المطعون والمبطون، ولكن هل يعد مريض القلب من هؤلاء الذين يشملهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا؟.
خلال هذا المقال على موقع الجواب 24 نجاوب على سؤال هل مريض القلب يعتبر مبطون؟ من خلال أقوال العلماء المختلفة في هذا الشأن، وسنتعرف على المقصود بالمبطون في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ونستعرض فضل الشهيد المبطون عند الله عز وجل وما هي منزلته بين الشهداء في الآخرة؟.
من هو المبطون
حتى نتعرف على إجابة سؤال هل مريض القلب يعتبر مبطون؟ يجب أن نعرف أولًا ما المقصود بالمبطون؟، كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ” الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله”، متفق عليه.
وفي حديث آخر عن جابر بن عتيك أنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله، المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد”.
أما عن المقصود بالمبطون فيقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم، أن المبطون هو صاحب داء البطن، وهو الإسهال، فيما يقول القاضي رحمه الله أن المبطون هو الذي به الاستقساء وانتفاخ البطن، وذهب علماء آخرون في تفسير معنى المبطون أنه الذي تشتكي بطنه، أو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا.
وقال العلماء إن المبطون يعتبر شهيدًا عند الله فيبلغهم مراتب الشهداء وأجرهم، وهي منزلة تفضل بها الله عز وجل على أمه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما ذهب الحافظ في فتح الباري إن هؤلاء الشهداء المذكورين في الحديث ليسوا سواء في مراتب الشهداء، وإنما هي درجات، فالشهيد في سبيل الله لا تجرى عليهم أحكام غيرهم من الشهداء.
هل مريض القلب يعتبر مبطون
بعد أن تعرفنا على المقصود بالمبطون في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، نعود للإجابة على سؤال هل مريض القلب يعتبر مبطون؟، فقد أوضحت دار الإفتاء المصرية في إجابة على سؤال مشابه عن مريض مات بجلطة في القلب فهل هو شهيد؟، بأن الميت بمرض في القلب نرجوا أن ينزله الله منازل الشهداء.
وقالت دار الإفتاء إن من يموت بمرض في القلب يعد في نازل الشهداء، كذلك من مات بمرض السرطان، استشهادَا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله”.
ومن أقوال العلماء عن اعتبار مريض القلب مبطون، ما نقله الحافظ بن حجر –رحمه الله- في كتابه “فتح الباري”، عما ورد عن الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة بإسناد حسن من حديث علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قال “كل موتة يموت بها المسلم فهو شهيد غير أن الشهادة تتفاضل”.
ولقد قسم العلماء الشهادة إلى 3 أنواع، شهيد الدنيا، وشهيد الآخرة، وشهيد الدنيا والآخرة، وفيما يلي نوضح الفرق بين الثلاثة أنواع من الشهادة:
أما عن شهيد الدنيا والآخرة: فهو الذي يُقتل في سبيل الله في الحرب ضد الكفار أو من أجل إعلاء كلمه الله، وهذا الشهيد لا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه ويكفن بدمائه.
واستدل العلماء على هذا النوع من الشهادة، بحديث أبي موسى –رضي الله عنه- قال: “جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: يُقاتل للمغنم، والرجل يُقاتل للذِكرِ، والرجل يُقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟، قال صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو سفي سبيل الله”، متفق عليه.
والنوع الثاني هو شهيد الدنيا فقط: وهو الشهيد الذي يموت في الحرب، ولكن بدافع الرياء وليس ابتغاءًا لمرضات الله عز وجل، وهذا الشهيد لا يُغسل ويتعامل معاملة الشهداء في الدنيا، ويبقى الحساب عند الله عز وجل على ما كان من نيته.
وما يستدل به العلماء على هذا النوع الثاني من الشهادة، ما ورد عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ” قيل لرجل هنيئًا له الشهادة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خبير من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا”.
والنوع الثالث: هو شهيد الآخرة فقط، وهو الذي لا يموت في حرب أو في سبيل الله، ولكن يموت غرقًا أو مبطونًا وغير ذلك ممن يشملهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم السابق ذكره، وهذا الشهيد يُغسل ويُكفن ويُصلى عليه، ويتعامل معاملة غيره من الأموات ولكن يعطيه الله أجر الشهادة في الآخرة.
وقد ورد في النوع الثالث من الشهادة، ما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”ما تعدون الشهيد فيكم، قالوا: يارسول الله: من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذًا لقليل، قالوا: فمن هم يارسول الله؟، قال: “من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد”.
فضل الشهيد المبطون
لقد بينا في الإجابة على سؤال هل مريض القلب يعتبر مبطون، رأي العلماء في هذا الشأن بأنه سيكون في منزلة الشهداء يوم القيامة، ومن المعروف أن للشهادة منزلة عظيمة في نفوس المسلمين، وللشهيد فضائل كثيرة قد وردت في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد روى الإمام أحمد، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :”إن للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلى حلة الإيمان ويُزوج من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة من خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته”.
وبالرغم من أن الشهادة في سبيل الله قد لا تُتاح لكل الأشخاص، إلا أن الأصل فيها هو الصدق في طلب الشهادة، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه”.
وإذا كان الشهيد المبطون يعامل معاملة الشهيد في الآخرة، فيرى العلماء أنه سينزل منزلة الشهداء، ولكن هذا لا يعني أنهم يستويان إذ أن ليس كل الشهداء في منزلة واحدة، فالأعلى قدرًا وأعظم أجرًا هو الشهيد في سبيل الله في الحرب ضد الكفار أو لإعلاء كلمة الله.
وأما من مات مبطونًا فيعتقد العلماء أن الله سيعطيه مرتبة وأجر الشهادة، ولكن ذلك بشرط أن المريض يصبر على ما أصابه من مرض وتألم ويحتسب الأجر عند الله، وأن يموت على التوحيد، فيكتب الله له أجر الشهادة وإن كان مفرطًا في بعض الواجبات أو مرتكبًا لبعض الذنوب، فإن المرض يغفر له، والله أعلم.
اقرأ أيضًا عبر قسم أعراض وأمراض : هل مريض السرطان شهيد