يعتبر الرفق هو اللين واللطف في المعاملة مع الآخرين، سواء كانوا بشرًا أو حيوانات أو حتى البيئة. ويعتبر الرفق من الصفات المحمودة في الإسلام، ويوصى به في العلاقات الإنسانية، ولهذا يبحث بعض الأفراد عن حديث الرسول عن الرفق، وهو الذي يوصي فيه عليه الصلاة والسلام بتلك الصفة ويوضح أهميتها في حياة الفرد والمجتمع.
ومن خلال السطور التالية سنتعرف على فوائد الرفق، وحديث الرسول عن الرفق، بالإضافة إلى ذكر الآيات القرآنية التي تتحدث عن الرفق، وأقوال السلف والعلماء في الرفق، وذلك على النحو التالي.
حديث الرسول عن الرفق
وللباحثين عن حديث الرسول عن الرفق، نذكر بعض الأحاديث التي تحث على الرفق، منها الآتي:
- قال صلى الله عليه وسلم:”إنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعْطِي علَى الرِّفْقِ ما لا يُعْطِي علَى العُنْفِ، وما لا يُعْطِي علَى ما سِواهُ”.
- – عن عائشة رضي الله عنها قالت: “أن يهود أتوا النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم. فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم. قال: مهلًا يا عائشة، عليك بالرِّفق وإياك والعنف والفحش. قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في”.
- عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أعطي حظه من الرِّفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرِّفق حرم حظه من الخير”.
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به”.
- وعن عائشة رضى الله عنها “وعنها أيضًا رضي الله عنها عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الرِّفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه”.
وتجدر الإشارة إلى أن أحاديث الرسول عن الرفق تحمل أهمية كبيرة للمسلمين والمجتمعات بشكل عام، حيث تعتبر هذه الأحاديث من المصادر الرئيسية التي يتم من خلالها تحديد أسس التعامل الإنساني والأخلاقي الحسن بين الناس. وتعد هذه الأحاديث دليلاً على أهمية الرفق واللطف في حياة المسلمين، وتحث على التعامل بروح الرحمة والتسامح مع الآخرين.
ولهذه الأحاديث أهمية كبرى في المساعدة على تحسين العلاقات الاجتماعية بين الناس، وتقليل الصراعات والاحتكاكات بينهم، وذلك لأن التعامل بلطف ورحمة يخلق جواً من الحب والإحسان والتسامح.
قد يهمك أيضًأ عبر قسم دين :
آيات عن الرفق
وهناك آيات متعددة في القرآن الكريم تحمل معنى الرفق وأهميته، ومنها نذكر الآتي:
- قال الله سبحانه تعالى في سورة آل عمران الآية رقم 159: ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”.
- وهناك أيضًا الله عز وجل في الآية رقم 215 من سورة الشعراء “وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ”.
- وقال سبحانه وتعالى أيضًا “اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى” سوة طه، الآية : 43-44.
- وهناك أيضًا قوله عز وجل “لقدْ جاءكُمْ رسولٌ منْ أنفسِكم عزيزٌ عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمِنين رؤوفٌ رحي” سورة التوبة، الآية :128.
تتضمن الآيات القرآنية عن الرفق تعاليم إلهية تهدف إلى تعليم المسلمين كيفية التعامل بلطف ورحمة مع الآخرين، وكيفية التعاطف معهم وتقديم المساعدة والدعم لهم، وتشجع المسلمين على تطبيقها في حياتهم اليومية.
قد يهمك أيضًا: احاديث عن الرفق
أقوال السلف والعلماء عن الرفق
كما ذكرنا حديث الرسول عن الرفق، وآيات عن تلك الصفة المحمودة، نذكر أيضًا أقوال بعض السلف وأهل العلم عنها، وذلك على النحو التالي:
- قال سفيان لأصحابه: “تدرون ما الرِّفق؟ قالوا: قل يا أبا محمد، قال: أن تضع الأمور في مواضعها؛ الشدة في موضعها، واللين في موضعه، والسيف في موضعه، والسوط في موضعه”.
- روي أنّ عمرو بن العاص كتب إلى معاوية يعاتبه في التأني فكتب إليه معاوية: أما بعد: فإنَّ التفهم في الخبر زيادة رشد، وإنَّ الرشيد من رشد عن العجلة، وإن الخائب من خاب عن الأناة، وإن المتثبت مصيب أو كاد أن يكون مصيبًا وإن العَجِل مخطئ أو كاد أن يكون مخطئًا، وأن من لا ينفعه الرِّفق يضره الخرق، ومن لا ينفعه التجارب لا يدرك المعالي.
- وقال الشعبي “غُشي على مسروق في يوم صائف، وكانت عائشة قد تبنته فسمَّى بنته عائشة، وكان لا يعصي ابنته شيئًا، قال: فنزلت إليه فقالت: يا أبتاه، أفطر واشرب، قال: ما أردت لي يا بُنية؟ قالت: الرِّفق، قال. يا بنية، إنَّما طلبت الرِّفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
- قال عروة بن الزبير: كان يقال: الرِّفق رأس الحكمة.
- ومن جانبه قال ابن حجر: “لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرِّفق، إلا عجز وانقطع فيغلب”.
- وقال ابن القيم: من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد الله عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه.
- ومن جانبه أبو حاتم: الواجب على العاقل لزوم الرِّفق في الأمور كلها، وترك العجلة والخفَّة فيها، إذ الله تعالى يحب الرِّفق في الأمور كلها، ومن منع الرِّفق منع الخير ،كما أنَّ من أعطي الرِّفق أعطي الخير، ولا يكاد المرء يتمكن من بغيته في سلوك قصده في شيء من الأشياء على حسب الذي يحب، إلا بمقارنة الرِّفق ومفارقة العجلة.
فوائد الرفق
من المؤكد أن للرفق الكثير من الفوائد بدليل الترغيب فيه في السنة وفي القرآن الكريم، ومن فوائد الرفق:
- يساعد الرفق على تعزيز الرحمة والحنان، ففي حالة تعلم الإنسان الرفق وبدأ في تطبيقه في حياته اليومية، فإن ذلك يزيد من مشاعر الرحمة والحنان في قلبه، ويجعله يتعامل مع الناس والحيوانات والنباتات بلطف ورقة.
- يؤدي إلى التآلف في التعامل الإنسان مع الآخرين برفق ولين، فإن ذلك يساعد على بناء علاقات قوية ومتينة مع الآخرين، ويؤدي إلى التآلف والتعاضد في المجتمع.
- يخفف الرفق من التوتر والضغوط النفسية، فإذا كان الإنسان يتعامل مع الناس والحيوانات والنباتات برفق ولين، فإن ذلك يخفف من التوتر والضغوط النفسية، ويجعله يشعر بالاستقرار النفسي والروحي.
- يساعد أيضًا على السلم الاجتماعي، فإذا كانت الرفق متأصلة في قلوب الناس، فإن ذلك يساعد على بناء مجتمع متماسك ومتآلف، ويجعل الناس يتعاونون مع بعضهم البعض فيما بينهم، ويؤدي إلى السلم الاجتماعي.
- من فوائد الرفق أيضًا أنه يعتبر دليل واضح على صلاح الإنسان وعلى حسن خلقه.
- يعتبر الرفق طريق للعبد بأن يصل إلى الجنة بمشيئة الله عز وجل.
- يثمر الرفق للعبد محبة الله وأيضًا محبة الناس وهذا من أعظم فوائده.
وختامًا يمكننا القول أن الرفق هو القيمة الأساسية التي ينبغي على المسلمين الالتزام بها في حياتهم اليومية، وتجاه جميع الكائنات الحية، وتحقيقها يعزز العلاقات الإنسانية والمجتمعية بشكل إيجابي.
