فضل الإلحاح في الدعاء
تعرف على فضل الإلحاح في الدعاء ، قال رسول الله سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -: (يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ: يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)، وهذا يوحي بأهمية الإلحاح والإكثار من الدعاء إلى الله – سبحانه وتعالى – وذلك بعد الشكر والثناء عن النعم الكثيرة التي سخرها الله للإنسان لراحته ولترفيهه، كما أن للإلحاح في الدعاء فضل عظيم فينبغي علينا جميعا أن ندعو الله طوال الوقت وفي كل مكان.
فضل الإلحاح في الدعاء:-
– روى الترمذي (3373) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّهُ مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ) .
– قال ابن القيم رحمه الله :
” هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِضَاءَهُ فِي سُؤَالِهِ وَطَاعَتِهِ، وَإِذَا رَضِيَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَكُلُّ خَيْرٍ فِي رِضَاهُ، كَمَا أَنَّ كُلَّ بَلَاءٍ وَمُصِيبَةٍ فِي غَضَبِهِ ” انتهى من الجواب الكافي (ص 18)
– وقال أيضا :
” وَالْغَضَب لَا يكون إِلَّا على ترك وَاجِب أَو فعل محرم ” انتهى من جلاء الأفهام (ص 352)
– وقال القاري رحمه الله في شرحه لهذا الحديث :
” لِأَنَّ تَرْكَ السُّؤَالِ تَكَبُّرٌ وَاسْتِغْنَاءٌ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ . قَالَ الطِّيبِيُّ: وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ مِنْ فَضْلِهِ، فَمَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَبْغَضُهُ، وَالْمَبْغُوضُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ ” انتهى من مرقاة المفاتيح (4/ 1530)
– قال ابن القيم رحمه الله :
” وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِذِكْرِ سُخْطِهِ وَغَضَبِهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَذَلِكَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْعَذَابُ وَاللَّعْنَةُ، لَا أَنَّ السُّخْطَ هُوَ نَفْسُ الْعَذَابِ وَاللَّعْنَةِ ؛ بَلْ هُمَا أَثَرُ السُّخْطِ وَالْغَضَبِ وَمُوجَبُهُمَا، وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ تَعَالَى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء/ 93. فَفَرَّقَ بَيْنَ عَذَابِهِ وَغَضَبِهِ وَلَعْنَتِهِ، وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ غَيْرَ الْآخَرِ ”
– روى أحمد (10749) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ) وصححه الألباني في “صحيح الترغيب والترهيب” .
– وقال ابن علان رحمه الله :
” (إذاً نكثر) أي: إذا كانت الدعوة بما عدا ما ذكر مجابة ، نكثر من سؤال خيري الدارين لتحصيلهما بالوعد الذي لا يخلف ” انتهى من دليل الفالحين
– وعن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُم فَلْيُكثِر ، فَإِنَّمَا يَسأَلُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه ابن حبان (2403) والطبراني في “الأوسط” (2/301) وقال الهيثمي في “مجمع الزوائد” (10/150) : رجاله رجال الصحيح . وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة” (1325)
– قال ابن القيم :
” إنّ اللهَ لَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ، بَلْ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ، وَيُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَيَغْضَبُ إِذَا لَمْ يُسْأَلْ ” انتهى من الجواب الكافي (ص 230)
– وقال أيضا :
” وأحب خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالا، وهو يحب الملحين في الدعاء، وكلما ألح العبد عليه في السؤال أحبه وقربه وأعطاه ” انتهى من حادي الأرواح (ص 91)
– وروى مسلم (2679) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَةَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ) .
– قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” :
“وَمَعْنَى قَوْله : (لِيُعَظِّم الرَّغْبَة) أَيْ يُبَالِغ فِي ذَلِكَ بِتَكْرَارِ الدُّعَاء وَالْإِلْحَاح فِيهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ الْأَمْر بِطَلَبِ الشَّيْء الْعَظِيم الْكَثِير , وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي آخِر هَذِهِ الرِّوَايَة : (فَإِنَّ اللَّه لَا يَتَعَاظَمهُ شَيْء)”.
مقالات أخرى قد تهمك:-
فضل الشهيد