من بين الاضطرابات النفسية التي تلقى اهتماماً كبيراً في المجتمع، يبرز مرض فرط الحركة كواحد من أكثر الاضطرابات انتشاراً وتأثيراً على الحياة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً هل مرض فرط الحركة خطير.
فرغم انتشار هذا المرض والتوعية المتزايدة حوله، إلا أن هناك الكثير من الجدل حول مدى خطورته. فهل هو مجرد سلوك طبيعي يمكن التكيف معه، أم أنه يستدعي تدخلاً طبياً ودعماً مستمراً.
سيضم هذا التقرير استكشاف مجموعة من الجوانب المرتبطة بمرض فرط الحركة، بدءاً من الأسباب المحتملة وصولاً إلى أثره على الحياة اليومية والأعراض التي تظهر على المصاب به، بالإضافة إلى الإجراءات العلاجية المتاحة.
ما هو فرط الحركة وأعراضه
قبل الإجابة على سؤال هل مرض فرط الحركة خطير، نوضح تعريفه، فمرض فرط الحركة (ADHD) هو اختصار لـ “Attention Deficit Hyperactivity Disorder”، وهو اضطراب نفسي يؤثر على القدرة على التركيز والانتباه، وقد يتضمن أيضًا تجمعًا غير منظم ونشاطًا زائدًا. هذا الاضطراب يمكن أن يؤثر على الأداء العام في مختلف جوانب الحياة، مثل الدراسة، والعمل، والعلاقات الاجتماعية.
وهذا المرض ليس مرضًا خاصًا بالأطفال فقط، بل يمكن أن يستمر مع الفرد على مدى مراحل حياته. على الرغم من أن أعراضه غالبًا تظهر في الطفولة، إلا أن بعض الأشخاص يستمرون في تجربة الأعراض أو يظهرون أعراضًا مشابهة في مرحلة البلوغ وحتى سنوات البلوغ المتأخرة والحياة البالغة.
قد يهمك أيضًا عبر قسم أعراض وأمراض :
هل مرض فرط الحركة خطير
على الرغم من أن مرض فرط الحركة ليس خطيرًا من حيث التهديد الفوري للحياة، إلا أنه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والتحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية والعمل.
تتفاوت درجة خطورة مرض فرط الحركة من شخص لآخر، حيث يمكن أن يكون لبعض الأشخاص تأثير طفيف يمكن التكيف معه، بينما يمكن أن يكون لآخرين تأثيرات أكثر تعقيدًا تتطلب تدخلاً علاجيًا ودعماً مستمرًا. في بعض الحالات، يمكن أن يترافق مرض فرط الحركة مع مشاكل صحية نفسية أخرى مثل اضطرابات القلق والاكتئاب.
من المهم أن يتم تقديم الدعم والعلاج المناسب للأشخاص الذين يعانون من مرض فرط الحركة، حيث يمكن أن يساعد العلاج السلوكي والتربوي والعلاج الدوائي في تحسين الأعراض وتقديم استراتيجيات للتعامل معها.
لذلك، على الرغم من أن مرض فرط الحركة ليس خطيرًا بشكل عام، إلا أن فهمه والبحث عن العلاج المناسب يمكن أن يكون له تأثير كبير على جودة الحياة والتحصيل الشخصي والاجتماعي.
أعراض فرط الحركة
أعراض مرض فرط الحركة (ADHD) تشمل مجموعة متنوعة من التحديات في مجالي التركيز والانتباه، بالإضافة إلى النشاط الزائد والتجمع الهمجي. هذه الأعراض يمكن أن تتفاوت في شدتها وتأثيرها من شخص لآخر. إليك تفصيلًا لبعض هذه الأعراض:
صعوبة التركيز والانتباه
-
- صعوبة في الانتباه لفترات طويلة، سواء في المهام المدرسية أو العمل.
- يصعب على الشخص الاستمرار في مهمة واحدة دون التشتت إلى أمور أخرى.
- النسيان المتكرر للأشياء اليومية، مثل المفاتيح أو واجبات المنزل.
النشاط الزائد وعدم التهدئة
-
- حركة مستمرة وغير منتظمة، مثل القفز والركض بدون سبب واضح.
- صعوبة في الجلوس في مكان واحد لفترات طويلة، خاصةً في المواقف التي يُتطلب فيها الأمر الهدوء.
الهمجية
-
- الانتقال بين مهام مختلفة بسرعة، دون إكمال مهمة واحدة.
- اتخاذ قرارات متسرعة دون التفكير الجيد في العواقب.
- تصرفات همجية قد تشمل تقديم تصريحات غير ملائمة أو عرقلة الآخرين أثناء المحادثات أو الأنشطة.
التحكم الضعيف في الاندفاع
-
- صعوبة في تأجيل الحاجة إلى الإشباع الفوري، مما يؤدي إلى تصرفات متسرعة وتجمع همجي.
الانتظام والتنظيم
-
- صعوبة في تنظيم المهام وإدارة الوقت.
- النسيان المتكرر للالتزامات والمواعيد.
تتفاوت هذه الأعراض في مدى تأثيرها على الحياة اليومية والأداء العام. يُشخص مرض فرط الحركة عندما تكون هذه الأعراض واضحة ومتواصلة وتؤثر سلبًا على الوظائف المختلفة في حياة الشخص. يجب تقييم الأعراض بعناية من قبل مختص في الصحة النفسية لتحديد ما إذا كان هناك تشخيص لمرض فرط الحركة ومن ثم تحديد أفضل أساليب العلاج والدعم.
سبب فرط الحركة
لا يمكن تحديد سبب واحد ومحدد لمرض فرط الحركة، حيث يعتقد أنه نتيجة تفاعل معقد بين عوامل جينية وبيئية. وهنا بعض العوامل المحتملة التي يعتقد أنها قد تسهم في ظهور فرط الحركة:
- يُعتقد أن هناك عوامل وراثية تلعب دورًا في ظهور مرض فرط الحركة. قد يكون هناك توارث لتوازنات كيميائية في الدماغ تؤثر على التركيز والانتباه.
- يمكن أن تتسبب اختلالات في مستويات المواد الكيميائية العصبية في الدماغ، مثل الدوبامين والنورأدرينالين، في ظهور أعراض فرط الحركة.
- بعض العوامل في البيئة قد تلعب دورًا في تطوير فرط الحركة، مثل التعرض للتلوث البيئي أو المواد الكيميائية الضارة أثناء فترة الحمل.
- قد يكون لهذا الاضطراب علاقة بتطور الدماغ والجهاز العصبي. تطور الجهاز العصبي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم السلوك والانتباه.
- تعرض الطفل للإجهاد أو الاضطرابات أثناء فترة الحمل أو في سنوات مبكرة من الحياة قد يؤثر على تطور الدماغ وقد يكون له تأثير على ظهور أعراض فرط الحركة.
- الوراثة والبيئة المشتركة: قد تكون هناك تفاعلات معقدة بين العوامل الوراثية والبيئية، حيث يمكن أن تسهم عوامل معينة في تفاعل مع الجينات المعرضة لفرط الحركة.
من المهم أن يتم تقديم العناية والدعم المناسبين للأشخاص الذين يعانون من مرض فرط الحركة، سواء من خلال العلاج السلوكي والتربوي أو العلاج الدوائي عند الضرورة.
علاج فرط الحركة
علاج فرط الحركة يشمل مجموعة من الأساليب والاستراتيجيات التي تهدف إلى تحسين التركيز والانتباه، وإدارة النشاط الزائد وتجمع الانتباه. العلاج يعتمد على خصائص الفرد وشدة الأعراض، وقد يشمل مزيجًا من العلاج السلوكي والتربوي والعلاج الدوائي. هنا بعض الخيارات الممكنة لعلاج فرط الحركة:
- العلاج السلوكي والتربوي، والذي يهدف إلى تغيير السلوكيات غير المرغوبة وتطوير سلوكيات إيجابية. يتضمن تقديم تقنيات لتعزيز التركيز والانتباه وتحسين السيطرة على النشاط.، بالإضافة إلى أنه يمكن تدريب أولياء الأمور على كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بـ ADHD وتقديم الدعم والحدود.
- العلاج الدوائي، والذي يضم المحفزات ويُستخدم العديد من الأدوية المحفزة لعلاج فرط الحركة. تساعد هذه الأدوية في زيادة توازن الكيمياء في الدماغ، مما يؤدي إلى تحسين التركيز والانتباه، بالإضافة إلى أدوية غير محفزة ففي بعض الحالات، يُستخدم أيضًا الأدوية غير المحفزة لعلاج ADHD، مثل العقاقير المسكنة للتوتر.
- العلاج المعرفي-السلوكي، الذي يساعد الفرد على التعرف على أنماط التفكير غير المفيدة وتغييرها، وتعزيز السلوكيات الإيجابية.
- الدعم التعليمي والاجتماعي، توفير بيئة داعمة في المدرسة والعمل والمجتمع يمكن أن يساعد في تحسين التحصيل الدراسي والأداء العام.
- التغذية والنمط الحياتي، والذي يشمل تحسين نمط الحياة من خلال التغذية الصحية وممارسة النشاط البدني يمكن أن يساهم في تحسين أعراض ADHD.
تذكر أن العلاج يجب أن يكون مخصصًا للفرد وفقًا لاحتياجاته وظروفه الخاصة. قبل اتخاذ قرار بشأن العلاج، من المهم استشارة طبيب متخصص في الصحة النفسية لتقييم الحالة وتقديم النصائح والإرشادات المناسبة.
اقرأ أيضًا: علاج مرض التوحد عند الاطفال
