حديث الرسول عن التكبر
الكبر هو أول الذنوب التي عُصي الله بها فهو الذي جعل إبليس يعصي أمر الله عز وجل بالسجود لآدم عليه السلام وقد يُبتلى الإنسان بالإعجاب بالنفس والكبر واحتقار الآخرين ولما كان الكبر من أشد الذنوب التي تدخل صاحبها النار نتناول خلال هذا المقال حديث الرسول عن التكبر.
وإلى جانب ذكر حديث الرسول عن التكبر، نستعرض أيضًا خلال هذا المقال على موقع الجواب 24 بعض الآيات القرآنية التي نهت عن الكبر وبينت عاقبته، كذلك سنتعرف على أسباب الكبر وما الذي يدفع الإنسان إلى التكبر، وكيفية علاج التكبر.
حديث الرسول عن التكبر
يتفرد الله عز وجل بالكبرياء والعظمة، لذا كان لزاما على العباد أن ينزعوا عن أنفسهم الكبر والإعجاب بالنفس وإلا كان مصيرهم أن يخرجوا من رحمة الله كما حدث مع إبليس حين استكبر، لذلك نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكبر وحذر من عاقبته.
وروى مسلم في صحيحه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :”يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما ألقيته في جهنهم ولا أبالي”.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر”، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنـًا ونعله حسنـًا، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس”.
وقال ابن القيم في شرح حديث الرسول عن التكبر “فسر النبي الكبر بضده فقال :”الكبر بطر الحق، وغمص الناس، فبطر الحق أي رده ودفعه وجحده، وغمص الناس هو احتقارهم وازدراؤهم ودفع حقوقهم وجحدها والاستهانة بها”.
وعن سراقة بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”يا سراقة ألا أخبرك بأهل الجنة وأهل النار، قال: بلى يا رسول الله، قال :”أما أهل النار فكل جعظري جواظ مستكبر، وأما أهل الجنة الضعفاء المغلوبون”.
وفي حديث آخر قال أيضًا صلى الله عليه وسلم “لا ينظر الله إلى رجل يجر إزاره بطرًا”، وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :”من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان”.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان، فيُساقون إلى سجن في جهنم يُقال له: بُولس، تعلوهم نار الأنيار يُسقون من عُصارة أهل النار طينة الخبال”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر”.
ومن الأحاديث النبوية أيضًا التي وردت في عاقبة المتكبرون، ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون، وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضي الله بينهما: إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما على ملؤها”.
آيات عن التكبر
التكبر من أشد الصفات المذمومة التي حذر الله تعالى منها، فكما أشارنا من قبل فإن الكبر هو الصفة التي تفرد الله بها عز وجل، لذا ينبغي على المؤمن أن يكون حذر من الكبر، وإلا سيكون مصيره كما وعد الله عز وجل في كتابه الكريم:”سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ”.
وجاء في قصة لقمان في القرآن الكريم ما ينهي عن الكبر “وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ”، والمقصود بالمرح هنا في الآية 18 في سورة لقمان الكبر والتكبر.
وأخبرنا الله عز وجل بقصة قارون الذي تكبر في الأرض، فقال تعالى في كتابه الكريم ” إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ”.
وحذر الله تعالى أيضًا من الكبر في سورة الإسراء الآية 37-38 “وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً* كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا”.
وبين الله عز وجل في كتابه الكريم عاقبة المستكبرين في العديد من الآيات، ومنها ما جاء في سورة النحل قوله تعالى “إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ* لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ”.
وتوعد الله للمتسكبرين بالعذاب الأليم، كما جاء في قوله تعالى في سورة النساء :”فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا”.
ومن أسوأ أنواع الكبر، هو الكبر عما أمر الله به وعدم التصديق بآياته وبرسوله، وأولئك سيكون عاقبة كبرهم النار، كما قال تعالى في سورة الأعراف “وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”.
وقال تعالى في سورة لقمان “وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ”، كما جاء في قوله تعالى في سورة الجاثية “وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ”.
هكذا قد حذر الله من الكبر وأحال بين المتكبرين وبين دخول الجنة، إذ قال تعالى في كتابه الكريم “إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ”.
اقرأ أيضًا عبر قسم دين : أحاديث عن الكبر
أسباب التكبر
بعد أن استعرضنا حديث الرسول عن التكبر والآيات القرآنية التي حذرت من التكبر، يمكن أن نتعرف على الأسباب التي تجعل الإنسان يتصف بهذه الصفة المنفرة، والتي لها أثر سلبي على المتكبر نفسه وعلى سائر المجتمع، ومن أبرز أسباب التكبر ما يلي:
- اعتقاد الإنسان بتفوقه على الآخرين في جوانب مثل الثروة والنسب والمكانة الاجتماعية أو القوة، أو الذكاء، أو الدرجة العلمية والثقافية.
- عدم الشعور بالأمان وضعف الثقة بالنفس، فيبحث عن التعويض في جعل نفسه بصورة مخالفة لحقيقته.
- الرياء والرغبة في الحصول على الثناء والتفخيم والمدح من الآخرين.
- التكبر بالعبادة والصلوات والصدقات.
علاج التكبر
كما ذكرنا فإن الكبر من المهلكات وينبغي على المؤمن التحلي التواضع والبعد عن الكبر، ومن كان في نفسه شيء من كبر يجب أن يعالجه، فهناك بعض الأمور التي تساعد على التخلص من الكبر، ومنها الآتي:
- معرفة عقوبة التكبر عند الله وأنها سبب في الحرمان من دخول الجنة.
- العلم بصفات الله عز وجل وأنه لا تليق العظمة والكبرياء إلا لله عز وجل.
- معرفة سبب الكبر إذا كان مالًا أو نسبًا أو سلطانًا أو مكانة اجتماعية أو علم أو عبادة، فمعرفة السبب أول الطريق للعلاج.
- تذكير النفس بحقيقتها والبعد عن المثالية والاعتراف بالأخطاء وعدم التهرب من المسؤولية، وفي الوقت ذاته البعد عن جلد الذات.
- تقبل الرأي الآخر وترك مساحة للآخرين للتعبير عن أنفسهم.
- السماح للآخرين بالمبادرة بتقديم الاقتراحات وطلب المساعدة منهم في حالة الاحتياج لذلك.
- مدح الآخرين عند القيام بأمر يستحق الثناء.
- الاعتراف بأن هناك من أفضل منك في أكثر من مجال.
اقرأ أيضًا : الفرق بين التكبر والكبرياء