“يوم الفرقان” أحداث غزوة بدر الكبرى معلومات بالتفاصيل
في يوم السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة، شهد التاريخ واحدة من أعظم المعارك الفاصلة في الإسلام، والتي سُميت “يوم الفرقان” غزوة بدر الكبرى ، والتي كانت لحظة حاسمة غيرت مسار الأحداث وأكدت قوة المسلمين الناشئة في مواجهة أعدائهم.
في هذه المعركة الفريدة، التقى جيش المسلمين الصغير، بقيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلك، بجيش قريش المتفوق عددًا وعتادًا، إلا أن النصر كان حليفًا للحق وأصحابه.
في هذا التقرير، نستعرض بالتفصيل أحداث غزوة بدر الكبرى، بدءًا من التحضيرات والمعطيات التي سبقت المعركة، وصولاً إلى نتائجها وتأثيراتها العميقة على مستقبل الدعوة الإسلامية.
تاريخ ومكان غزوة بدر
وقعت غزوة بدر الكبرى، المعركة التي تعد واحدة من أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، والتي غيرت مجرى الأحداث وقلبت موازين القوى بين المسلمين والمشركين، وعبر السطور التالية نستعرض التفاصيل.
حدثت غزوة بدر في صباح يوم الاثنين 17 من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة، كان موقعها في أرض بدر، وهي متعتبر حطة أساسية لمرور القوافل التجارية المتجهة إلى الشام والعائدة إلى مكة المكرمة. اشتهرت بدر بكونها سوقًا من أسواق العرب القديمة، نتيجة الموقع الجغرافي لها المتميز بين مكة والمدينة.
أسباب غزوة بدر
بعدما أُذن للمسلمين بالجهاد في العهد المدني، بلغهم أن قافلة كبيرة تحمل أموالًا طائلة لقريش كانت عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان بن حرب.
استشعر النبي صلى الله عليه وسلم الفرصة لضرب اقتصاد قريش، فانتدب أصحابه للخروج لاعتراض القافلة.
لتعجيل الأمر، خرج النبي بمن كان مستعدًا من أصحابه دون انتظار لبقية المسلمين من سكان العوالي، لتفادي فوات القافلة. ولهذا السبب، لم تكن القوة العسكرية للمسلمين مكتملة العدد في معركة بدر، إذ إنهم خرجوا في البداية بهدف الاستيلاء على القافلة وليس لمواجهة جيش قريش.
شارك في الغزوة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً من المسلمين، منهم حوالي مائتين وأربعين من الأنصار. كان تجهيز المسلمين متواضعًا للغاية، حيث لم يكن لديهم سوى فرسين وسبعين بعيرًا كانوا يتعاقبون على ركوبها. علم أبو سفيان بخروج المسلمين لاعتراض القافلة، فاتخذ طريق الساحل هربًا، وأرسل لإخبار أهل مكة وتحفيزهم على الدفاع عن القافلة.
استعدت قريش للخروج بكل قوتها، واعتبرت أن في ذلك دفاعًا عن كرامتها واقتصادها، حشدت جيشًا مكونًا من نحو ألف مقاتل ومعهم مائتا فرس.
أحداث قبل بدء الغزوة
وصل المسلمون إلى بدر قبل وصول جيش قريش، وبدأت تظهر الخلافات بين صفوف المشركين بعد نجاة القافلة، كان هناك من يرغب في العودة إلى مكة دون قتال لتجنب زيادة الثارات بين الطرفين، في حين أصر آخرون، بقيادة أبي جهل، على مواجهة المسلمين.
انتصر في النهاية رأي أبي جهل، ولم يعد هدف قريش حماية القافلة فقط، بل تأديب المسلمين وتأمين طرق تجارتهم، بالإضافة إلى إظهار قوتهم أمام القبائل العربية.
عندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبر نجاة القافلة، وأدرك إصرار قريش على المواجهة، قام بمشاورة أصحابه حول القرار القادم. تحدث أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، والمقداد بن عمرو من المهاجرين، وأبدوا دعمهم الكامل للنبي. ثم توجه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤاله إلى الأنصار، فتكلم سعد بن معاذ وأبدى استعدادهم للقتال إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم حتى النهاية، مما أسعد النبي صلى الله عليه وسلم.
أحداث غزوة بدر
قبل بدء المعركة، أشار الحباب بن المنذر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجعل ماء بدر خلف جيشه، فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم مشورته واتخذ الموقع المناسب.
ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم بتحديد مصارع بعض زعماء قريش بأسمائهم، وقال: “هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله”، وكان ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم صحيحًا حيث قتل كل من ذكره في المواضع التي حددها.
نظم النبي صلى الله عليه وسلم جيشه في صفوف القتال في صباح يوم الغزوة، وبقي في قبة (عريش) مشرفًا على سير المعركة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء حتى سقط رداؤه من كثرة مناشدته ربه، فنزلت الآية الكريمة {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} [الأنفال: 9]. خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض المعركة وهو يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر} [القمر: 45].
بدأت المعركة عندما رمى النبي صلى الله عليه وسلم المشركين بحفنة من الحصى، فقال الله تعالى: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الأنفال: 17].
ثم تقدم عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من شباب الأنصار، لكن قريش رفضت مبارزتهم وطالبت ببني عمومتهم من قريش.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث بالخروج لمبارزتهم. قتل حمزة عتبة، وقتل علي شيبة، وأثخن عبيدة والوليد بعضهما البعض بالجراح حتى مال علي وحمزة على الوليد فقتلاه، ثم حملوا عبيدة الذي أصيب بجراح خطيرة.
بعد ذلك تأثرت قريش بهذه النتيجة، وبدأت في الهجوم على المسلمين، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يصوبوا سهامهم نحو المشركين عند اقترابهم من صفوف المسلمين.
تسارع الأحداث
بدأت المواجهة الحقيقية بين الجيشين، وأمد الله المسلمين بالملائكة خلال المعركة، كما ورد في قوله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين * وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} [الأنفال: 9-10]. انتهت المعركة بانتصار المسلمين وقتل سبعين من قريش.
قتل من بين زعماء قريش أبو جهل، عمرو بن هشام، على يد غلامين من الأنصار، وأجهز عليه عبد الله بن مسعو، قتل أيضًا أمية بن خلف على يد بلال بن رباح وفريق من الأنصار.
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بجمع جثث قتلى قريش وإلقائها في آبار بدر، وبلغ عدد الأسرى من قريش سبعين رجلًا، في حين فر بقية جيش قريش من أرض المعركة تاركين وراءهم الكثير من الغنائم.
دفن النبي صلى الله عليه وسلم شهداء المسلمين، وكانوا أربعة عشر شهيدًا.
نتائج غزوة بدر
أدت غزوة بدر إلى تعزيز مكانة المسلمين وقوتهم بين قبائل الجزيرة العربية، كما ارتفعت مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، وازدادت ثقة المسلمين في الله ورسوله.
لم يعد المشركون في المدينة يتجرؤون على إظهار عداوتهم للإسلام، فبدأ النفاق يظهر بينه، كما ساعد انتصار بدر على رفع معنويات المسلمين الذين كانوا ما زالوا في مكة، وزاد من إيمانهم بثبات دعوتهم واقتراب يوم الفرج.
أصبحت قريش تعاني من خسائر معنوية بالإضافة إلى خسائرها البشرية، إذ أن مقتل زعمائها كان له تأثير كبير على هيبتها وسيادتها في الحجاز.
أصبحت المدينة بعد بدر تهدد تجارة قريش وسيادتها، مما جعل غزوة بدر معركة فاصلة في تاريخ الإسلام. أسماها الله عز وجل “يوم الفرقان”، وذلك في قوله تعالى “ومآ أنزلنا علىٰ عبدنا يوم ٱلفرقان يوم ٱلتقى ٱلجمعان” في سورة الأنفال.
اقرأ أيضًا: اسرار غزوة بدر