الفرق بين الارادة والمشيئة
يختلط الأمر على الكثير بين المشيئة والإرادة، سواء في اللغة العربية أو في استخدام القرآن الكريم لتلك الكلمات،وأثبت بعضًا من أهل العلم أن هناك فرقاً دقيقاً بين كلمة “شاء” وكلمة “أراد”، وهو ما يجاوب على الباحثين على الفرق بين الارادة والمشيئة.
فلنتعرف خلال السطور التالية من هذا التقرير على الفرق بين الارادة والمشيئة، بالإضافة إلى ذكر أنواع الإرادة في القرآن الكريم، وذلك على النحو التالي.
الفرق بين الارادة والمشيئة
على الرغم من أن أغلب الأقوال تذهب أن الكلمتين تحملان نفس المعنى، فعندما أقول أني شئت الشيء أشاؤه شيئاً ومشيئة ومشاءة ومشاية: أي أردته، وفي هذا الصدد قال الجوهري: المشيئة: الإرادة. وأكثر المتكلمين لم يفرقوا بينهما، وإن كانتا في الأصل مختلفتين، فإن المشيئة في اللغة: الإيجاد؛ والإرادة: طلب.
كما قال الراغب الأصفهاني في هذا الصدد “والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء، وعند بعضهم: المشيئة في الأصل: إيجاد الشيء وإصابته، وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الإرادة، فالمشيئة من الله تعالى هي الإيجاد، ومن الناس هي الإصابة”.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن هناك عدد من الفروق فالمشيئة تتطلب القدرة والتحقق ولا تستلزم الرغبة، ولكن الإرادة تطلب الرضا لكن لا تستلزم القدرة والتحقق.
وردت كلمة “شاء” في القرآن الكريم ومشتقاتها في ما يقرب من مائتي موضع في القرآن الكريم، وبتتبع هذه المواضع، من خلال يظهر أن الكلمة الأقرب لمعنى المشيئة هي :التقدير، والقدرة، والاستطاعة، والقضاء، والحكم.
بينما كلمة الإرادة فكل معاني التقدير، والقدرة، والاستطاعة، والقضاء، والحكم، لم تكن معاني رئيسية للكلمة، فالإرادة في الاستخدام القرآني لا تستلزم القدرة أو التحقق، ولكن المعنى الأساسي هو الرغبة.
أنواع الإرادة في القرآن
أوضح عدد من المحققون من أهل السنة أن الإرادة في القرآن الكريم نوعان، يمكن توضيحهم على النحو التالي:
أولا الإرادة الشرعية
وتعني الإرادة الشرعية المتضمنة المحبة والرضا، وهي دليل واضح على أن الله عز وجل لا يحب الذنوب والمعاصي والضلال والكفر، ولا يأمر بها ولا يرضاها.
ويمكن عرض أمثلة من الإرادة الشرعية في القرآن على النحو التالي:
- مثل قوله تعالى: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
- بالإضافة إلى قوله تعالى: مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة: 6].
- وقوله تعالى : يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 26-28].
- بالإضافة إلى قوله سبحانه وتعالي : إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33].
ثانيا الإرادة الكونية
بينما الإرادة الكونية القدرية هي الإرادة الشاملة لجميع الموجودات، وهذا النوع من الإرادة لا يخرج عنها أحد من الكائنات، فجميع الحوادث الكونية تدخل تحت إرادة الله ومشيئته، ويجتمع فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر، وأهل الجنة وأهل النار.
ويمكن عرض أمثلة من الإرادة الكونيى في القرآن على النحو التالي:
- كقوله تعالى: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا [الأنعام:125].
- ومثل قوله سبحانه وتعالي: وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ [هود:34].
- وكقوله سبحانه وتعالى: وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ [البقرة:253].
- وقوله: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا [الكهف:39].
اقرأ أيضًا