الفرق بين اكملت واتممت
يسعى الكثير من الأفراد المسلمين على وجه التحديد معرفة الفرق بين اكملت واتممت، الوارده في قوله سبحانه وتعالى “اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأتْممتُ عليكُم نعمتي”، ويطرحون عدد من الأسئلة هو هذا الأمر، كأن يقول بعضهم لماذا لم يقل المولى عز وجل “اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأكملتُ عليكُم نعمتي”، في بحثهم الشامل على معاني الكلمات الواردة في القرآن الكريم.
وخلال السطور القادمة من هذا التقرير نستعرض الفرق بين اكملت واتممت، بالإضافة إلى عرض عدد من المواقف التي صاحبت نزول آية “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”، وذلك على النحو التالي.
الفرق بين اكملت واتممت
وردت تلك الكلمات في سورة المائدة في قوله سبحانه وتعالى “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”، ويذكر أن معنى هذه الآية دليل على أكبر نعم ربنا على أمة محمد، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا حاجة لهم إلى دين غيره.
وفيما يخص الفرق بين اكملت واتممت، يمكن توضيحه أن أكمل الأمر معناها أنهاهُ على مراحل متقطعة، وليست متواصلة، بينها فواصل زمنية متفرقة، فالفرد الذي عنده أيام إفطار في شهر رمضان الكريم وعليه صيام تلك الأيام فيما بعد لديه فرصة 11 شهراً لقضاء صيام هذه الأيام، حتى لو على فترات متقطعة من العام، وهناك قول أخر لله سبحانه و تعالى “ولتُكْملوا العِدّة”.
وعلى الصعيد الآخر فأتم الأمر، هنا يجب أن لا ينقطع العمل لحين الانتهاء منه بشكل متواصل، فمثلا لا يصح الإفطار عند النهار في يوم الصيام ولو لفترة قصيرة جداً، لذلك يقول ربنا في كتابه العزيز “ثُمّ أتِمّوا الصيام إلى الليل”، ولم يقل المولى عز وجل “أكملوا”.
وفي سياق متصل لتفسير معنى “أتم” أنه لا يجوز للفرد المسلم أن يتحلل من الإحرام في الحج، حتى يكمل شعائره كلها، لذلك يقول المولى عز وجل في كتابه “وأتمّوا الحجّ والعُمرة للّه”، وليس أكملوا الحجّ.
وللمزيد من التوضيح، فلماذا الدين أتت معه كلمت “اُكْمل”، والنعمة أتت معها كلمة “أُتِمّت”؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أنزل الدين على فترات متقطعة نحو 23 عام، أما نعمة الله لم تنقطع أبداً، حتى ثانية واحدة على أمة محمد.
مواقف حول هذه الآية
من المواقف التي حاوطت نزول الآية “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا”، والتي هي محل الحديث في هذا التقرير.
حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا ابن فضيل عن هارون بن عنترة، عن أبيه، قال: لما نزلت اليوم أكملت لكم دينكم وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي “صل الله عليه وسلم” ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا أكمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص، فقال صدقت.
وهناك موقف آخر قال رجل منَ اليهودِ لعمرَ بنِ الخطَّابِ: يا أميرَ المؤمنينَ، لو علَينا أُنْزِلَت هذِهِ الآيةَ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا لاتَّخذنا ذلِكَ اليومَ عيدًا، فقالَ عمرُ: إنِّي لَأعلمُ أيَّ يومٍ أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ، أُنْزِلَت يومَ عرفةَ في يومِ الجمعةِ.