هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم
حين يتعرض شخص ما لاضطراب نفسي فلاشك أن حياته ستتأثر بشكل كبير على مختلف المستويات فبعض من هذه الاضطرابات قد تذهب بعقل الإنسان أو تغيبه بعض الشيء ومنها ما يتوقف أعراضه على الهلاوس والتخيلات كالوسواس القهري ولكن في هذه الحالة هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم أم يحاسب على تصرفاته؟.
خلال هذا المقال يقدم موقع الجواب 24 بعض المعلومات المتعلقة باضطراب الوسواس القهري، ويجاوب على التساؤلات التي يطرحها العديد من الأشخاص، ومنها هل مريض الوسواس القهري يُحاسب على أفعاله؟، وهل تسقط عنه الصلاة؟، وهل يكفر مريض السواس القهري نتيجة أفكاره؟، وهل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم؟
هل مريض الوسواس القهري مجنون
قبل الإجابة على سؤال هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم؟، يجب أن نعرف أولًا ماذا يعني هذا الاضطراب وما التأثير الذي يتركه على المريض، هل يجعله مجنون فلا يدرك تصرفاته أم أنه مجرد أفكار مشوشة دون أن يتأثر عقله أو أن تصل به إلى حد الجنون؟.
بداية الوسواس القهري هو نوع من الاضطرابات النفسية التي تجعل المصاب بها يعاني من أفكار مزعجة ومتكررة، وتلح عليه رغبة قوية في تنفيذ أفعال معينة لتخفيف من حالة التوتر والقلق التي تصيبه، وغالبًا تدور هذه الأفار حول النظافة والسلامة والجنس والمعتقدات والطقوس الدينية والذات الإلهية.
وغالبًا تؤثر هذه الأفكار على المريض بشكل قوي لدرجة أنه يصعب السيطرة عليها، وقد تؤثر على ممارسته للأنشطة اليومية بشكل طبيعي، فهذه الأفكار التي تلح عليه تشكل مصدرًا قويًا للتوتر والضيق النفسي للمريض، كما أنها تؤثر على علاقاته الاجتماعية وسلوكياته وربما يصل به الأمر إلى التأثير على علاقة المريض بصلاته وربه.
وفي حالة الوسواس القهري يلازم المريض نوع من التفكير غير المعقول وتصرفات زائدة عن الحد، مثل تكرار جمل أو كلمات معينة، والاستغراق في غسيل اليدين، وقد يكون غير واعيًا عند قيامه ببعض من هذه التصرفات حتى أنه يتفاجأ بأنه فعلها وربما تشككه في نفسه.
وعلى الرغم من كل هذه الأعراض التي تصاحب الوسواس القهري إلا أنها لا تصب بالمريض حد الجنون، لذلك يرى علماء النفس أن مريض الوسواس القهري لا يعتبر مجنونًا، لأن الجنون يعني عدم استطاعة الإنسان التحكم في عقله وقيامه بتصرفات دون وعي، كما أن المجنون يشكل خطرًا على نفسه والآخرين.
أما مريض الوسواس القهري فهو يعاني من اضطراب سلوكي وليس اضطراب عقلي، أي أنه يعاني من بعض الأفكار التي تؤثر على سلوكه ولكنها لا تدفعه للجنون، ويمكن علاج الوسواس القهري والشفاء منه بالعلاج النفسي والدوائي والسلوكي.
هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم
بعد أن تعرفنا على إجابة هل مريض الوسواس القهري مجنون، نعود للإجابة على السؤال موضوع المقال وهو هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم؟.
يستند العلماء في الإجابة على سؤال هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج أحمد والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :”رُفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق”.
ويقول العلماء في تفسير الحديث إن المرفوع عنه القلم هو المجنون حتى يعقل، لأنه قبل الإفاقة فاقد لعقله، والعقل هو المناط بالتكليف، أما المريض الذي يعاني من الوسواس القهري إذا لم يغب عقله فإن التكليف لا يسقط عنه كليًا ولكن يسقط عنه التكليف في بعض التفاصيل، كالأمور المتعلقة بتكرار الوضوء أو نسيان عدد الركعات في الصلاة وغير ذلك.
ورجح بعض العلماء أن مريض الوسواس القهري لا يُرفع عنه القلم لأنه غالبًا يكون واعيًا وقادرًا على التمييز بين الحلال والحرام، ولكن في حالة أن اشتدد به الأمر ووصل إلى مرحلة متقدمة من المرض لدرجة تؤثر على قواه العقلية وتجعله غير مدرك وغير واعي لمفاهيم الحلال والحرام والخير والشر وأصبحت تصرفاته خارجة عن إرادته تمامًا فإنه لا يُحاسب.
كذلك إذا وصلت حالة مريض الوسواس القهري إلى حد الإصابة بالهلاوس والأوهام فإنه يكون ممن يشملهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم رُفع عنهم القلم، لأن المرض هنا يؤثر على سلامة قواه العقلية، فيسقط عنه التكليف أو يُرفع عنه القلم حتى يفيق ويعود إلى وعيه وعقله، ولا يُحاسب المريض على ما فعله دون إدراك أو وعي.
هل مريض الوسواس القهري يحاسب
كما أوضحنا خلال الإجابة على سؤال هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم أن هناك درجات من هذا الاضطراب، فإذا وصل بالمريض إلى حد عدم إدراك تصرفاته وأفعاله فإنه لا يُحاسب حتى يدرك أو يعود له عقله ووعيه.
ووفقًا للشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فإن مريض الوسواس القهري لا يُحاسب على أقواله، موضحًا أن هناك بعض حالات الوسواس القهري التي تسبب خلل في الكيمياء في المخ فتجعل المريض غير مدرك لتصرفاته ومن ثم لا يُحاسب على هذه التصرفات.
ويرى كثير من العلماء أن مريض الوسواس القهري إذا كان يعاني من أعراض تؤثر على عقله وإدراكه واختلت قواه العقلية التي يدرك بها الأشياء، فصار لا يعرف ما لا ينفعه ولا يضره ولا ما هو حرام وحلال، فيُرفع عنه التكليف وتسقط عنه التكاليف الشرعية مثل الصلاة والصوم والحج، كما أنه لا يحاسب على هذه التكاليف.
أما إذا كان مريض الوسواس القهري يعاني فقط من اضطرابات نفسية لا تؤثر على عقله وإدراكه، ويستطيه أن يميز بين الأشياء وبين الحلال والحرام والخير والشر وما ينفعه ويضره، فإنه غير معذور في تركه للتكاليف الشرعية ويُحاسب عليها إن تركها.
وإذا كان الاضطراب النفسي يتراوح ما بين الشدة وفقدان الإدراك ويخف في بعض الأوقات ويدرك، فإن المريض يكون معذورًا في حالة فقد الإدراك ولا يُحاسب على تصرفاته، وغير معذور في حالة الوعي.
اقرأ أيضًا عبر قسم أعراض وأمراض: هل مريض الوسواس القهري ذكي
هل تسقط الصلاة عن مريض الوسواس القهري
وبينما نتحدث عن إجابة سؤال هل مريض الوسواس القهري مرفوع عنه القلم؟، فإن من الأمور الهامة التي تتعلق بالحساب والتكاليف الشرعية على المسلم هي الصلاة، فهل تسقط الصلاة عن مريض الوسواس القهري؟.
اختلف العلماء حول حكم سقوط الصلاة عن مريض الوسواس القهري، إذ رأى البعض أنه في حالة وجود الوسواس القهري لدى الشخص فإن الصلاة تصبح صعبة عليه وبالتالي تسقط عنه، بينما رأى آخرون أن الوسواس القهري ليس عذرًا لترك الصلاة، فيما ذهب رأى ثالث إلى أن الطبيب النفسي هو الذي يحدد إذا كان المريض قادرًا على الصلاة أم إنه سيكون غير مدرك لها.
ومن أقوال العلماء حول حكم الصلاة لمريض الوسواس القهري، أن المريض يمكنه ترك صلاة الجماعة في المساجد لعدم قدرته على الانتظام فيها، ولكن يجب أن يصلي في البيت حتى إذا أجلها حتى تستقر حالته.
ومما ورد عن العلماء فيما يتعلق بالوسواس القهري، ما رواه ابن الجوزي –رحمه الله- عن أبي الوفاء بن عقيل، أن رجلًا قال له: انغمس في الماء مرارًا كثيرة وأشك فهل صح لي الغسل عند ذلك أم لا؟، فقال له الشيخ: اذهب فقد سقطت عنك الصلاة، قال وكيف؟، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال رُفع القلم عن ثلاث: المجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ والصببي حتى يبلغ”، ومن ينغمس في الماء مرارًا ويشك بعد ذلك هل أصابه الماء أم لا فهو مجنون.
قد يهمك أيضًا : كيفية التخلص من الوسواس القهري الموت