حديث الرسول عن التسول
انتشرت ظاهرة التسول في الكثير من البلدان نتيجة لظروف عديدة والبعض اتخذها مهنة له فيمضي حياته كلها متسولًا يجمع أموالًا طائلة من بهذه الطريقة التي نهى عنها الإسلام وقد بين حرمتها حديث الرسول عن التسول.
وخلال هذا المقال على موقع الجواب 24 سنتعرف على حكم التسول في الإسلام من خلال حديث الرسول عن التسول، وحكم التسول في المساجد، ولماذا نهى الإسلام عن التسول.
حديث الرسول عن التسول
التسول هو طلب الصدقة من الناس سواء في الأماكن العامة أو المواصلات أو المساجد، ومؤخرًا استحدث المتسولين طرقًا جديدة للتسول عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن كلها صورًا لجمع الأموال من الناس بالباطل إن لم يكن صاحب السؤال بحاجة ضرورية لذلك.
وقد بين حديث الرسول عن التسول الأمور التي يجوز فيها طلب السؤال من الناس، ففي الحديث الصحيح عن قبيصة بن مخارق الهلالي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :”إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجي من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش ثم قال صلى الله عليه وسلم ما سواهن من المسألة ياقبيصة سحت يأكله صاحبه سحتًا”، رواه مسلم.
هكذا أوضح حديث الرسول عن التسول الأمور المباح فيها المسألة، وما سوى ما ورد في الحديث فهو محرم، أما من اضطر إلى سؤال الناس في الصدقة فلا حرج عليه أن يسأل بقدر الحاجة.
وقد وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين عقوبة التسول ومن سأل الناس بغير حاجة أو ضرورة، ومنها حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال:”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم”، رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره فيتصدق به على الناس: خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه”، رواه البخاري ومسلم.
وجاء في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال:”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى إما بموت عاجل، أو غنى عاجل”، رواه أبو داود والترمذي.
هل التسول حرام
لقد بين حديث الرسول عن التسول أن الأصل في الشرع أن التسول حرام شرعًا إلا إذا كان صاحب المسألة بحاجة ضرورة لذلك، وأن يكون طلب الصدقة وفق ضوابط معينة، أما من ملك قوت يومه وليلته فتحرم عليه المسألة.
فعن سمرة بن جندب –رضي الله عنه- قال:” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمر لابد منه”، رواه الترمذي.
واستدلل العلماء من حديث الرسول عن التسول أن السؤال في الأصل فيه التحريم لأنه لا ينفك عن ثلاثة أمور محرمة، الأول إظهار الشكوى من الله تعالى بإظهاره للفقر، الثاني: أن السؤال فيه إذلال السائل نفسه لغير الله تعالى والإسلام ينهى أن يذل المؤمن نفسه لغير الله، والثالث: أن السؤال غالبًا قد يؤذي المسؤول لأنه ربما لا تسمح نفسه بالبذل عن طيب قلب ولكنه ينفق حياءًا من السائل وإذا منع ربنا يتأذى في نفسه أنه منع عن ماله عن سائل.
ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم بشكل واضح عن التسول، ففي حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”من سأل الناس في غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم”.
أما من كانت به ضائقة أو في كرب وأموره معسرة فلا حرج أن يسأل، ولكن يسأل أهل الخير أو الجهات المعنية برعاية الفقراء والمحتاجين، مثل الجمعيات الخيرية.
اقرأ أيضًا عبر قسم دين : الفرق بين الزكاة والصدقة
حكم التسول في المسجد
ومما نجده ينتشر بشكل كبير من المتسولين هو الانتشار أمام أبواب المساجد وخاصة في شهر رمضان المبارك وبعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وذلك لاستعطاف المصلين وأخذ الأموال منهم، إلا أن الإسلام قد نهى بشدة عن التسول في المسجد.
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء في المسجد وأن تنشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر، ومن ثم فإن ما نراه من اصطفاف المتسولين أمام المساجد محرم شرعًا، فإذا كان التسول في الأصل محرم إلا للضرورة، فإنه بالأحرى يكون محرم في المساجد.
وحين سئُل شيخ الإسلام ابن تيمية عن السؤال في المسجد، قال:”أصل السؤال محرم في المسجد وخارجه إلا لضرورة، فإن كانت ضرورة وسأل في المسجد ولم يؤذ أحدًا كتخطيه رقاب الناس ولم يكذب فيها يرويه ويذكر من حاله ولم يجهر جهرًا يضر الناس ونحو ذلك جاز”.
وقال الإمام السيوطي –رحمه الله- عن السؤال في المسجد أنه مكروه كراهة تنزيه، إنما إعطاء السائل فيه قربة يثاب عليها وليس بمكروه، فلا بأس بأن يعطي السائل في المسجد شيئًا، وأن السؤال في المسجد ليس بمحرم إن لم يكن فيه كراهة أو إيذاء أو تشويش على المصلين.
واستشهد الإمام السيوطي بحديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق –رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينًا؟ فقال أبو بكر دخل المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها”، فرأى السيوطي أن ذلك دليلًا أن إعطاء الصدقة في المسجد ليس بمحرم.
لماذا ينهى الإسلام عن التسول
لقد جاء الإسلام ليرفع من مكانة الإنسان وأمره بألا يذل نفسه لغير الخالق عز وجل، أما التسول فيسيء إلى المتسول ويجعله يظهر بصورة المحتاج والذليل، وهو ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :”لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه”.
وقال تعالى في كتابه الكريم:” لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّـهَ بِهِ عَلِيمٌ). “سورة البقرة: 273، كذلك قال الله عز وجل :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل “سورة النساء: 29″.
فما جاء في حديث الرسول عن التسول وهذه الآيات الكريمة يبين لماذا ينهى الإسلام عن التسول، فهذه المهنة تفقد صاحبها كرامته في الدنيا ويسيء إلى آخرته، فعن أبي هريرة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:”من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر”.
فقد حرص الإسلام على حفظ كرامة الإنسان وألا يعرضها للذل والإهانة، أما التسول فيتنافى مع الكرامة، فضلًا عن أنه يجمع أموال الناس بالباطل ويطعم ابناءه سحتًا، أي مالًا حرامًا إن لم يكن المتسول بحاجة إلى هذه الأموال.
ونجد أن الإسلام قد نهى عن التسول ولكنه حث الناس على العمل ورغبهم في الكسب الحلال الذي يعف صاحب الحاجة عن المسألة، فعن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :”لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ليتصدق به وليستغنى عن الناس، خير له من أن يسأل رجلًا أعطاه أو منعه، ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى”.
اقرأ أيضًا : أحاديث عن فضل الصدقة